الرهاب من الإسلام الإسلاموفوبيا Islamophobia مصطلح ظهر في الغرب مطلع القرن العشرين بناء على فكرة مسبقة عن الإسلام واستمراراً لمفهوم غير معزول عن سياق الاستشراق من منظور خلفيته الاستعمارية، ومعناه هو التحامل والكراهية تجاه المسلمين، أو الخوف منهم أو من الجماعات العرقية التي ينظر إليها على أنها إسلامية. ويُعَرفه البعض على أنه تحيز ضد المسلمين أو شيطنتهم.
هذه الظاهرة تصاعدت حدّتها في العالم بعد العمليات الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في الحادي عشر من أيلول عام 2001 والتي تبناها تنظيم القاعدة. ومن الممكن القول إن سببها يضرب جذوره عميقاً بسبب المسلسل طويل من العلاقات المضطربة بين الغرب والإسلام، استقر في خطاب الطرفين بوصفه تعبيراً عن خطر داهم محدق يتهددهما، ربما انطلاقاً من الاقتران المتكرر الذي يمكن ملاحظته في مسيرة التاريخ، الذي يوحي وكأن هناك نوعاً من العلاقة الحتمية بين صعود نجم الحضارة الإسلامية وانحدار نظيرتها الغربية وبالعكس.
مصطلح (الفوبيا) أو الرهاب، هو نوع من أنواع العصاب القهري، لا يملك المريض إزائه القدرة على التحكم في ردود أفعاله عند تعرضه لموضوع خوفه ليدخل في حالة فعلية من الفزع غير المسيطر عليه.
ولهذه الظاهرة أسباب كثيرة منها:
- الصراع بين الشرق والغرب، الذي ارتدى في فترات كثيرة الثوب الديني.
- جهل كل من الطرفين بالآخر.
- الصراع العربي – الإسرائيلي، فقد عمل اللوبي الصهيوني على تقديم صورة الحمل الوديع للإسرائيلي الذي يبحث عن حياة هانئة، بينما هو محاط بقطيع من الذئاب المتوحشة التي تريد افتراسه، وساعد على تكريس هذه الصورة بعض التصريحات غير المسؤولة من بعض السياسيين والقادة العرب والمسلمين.
- تضارب المصالح واختلاف المنطلقات القيمية بين الشرق والغرب، إضافة إلى بعض العادات والتقاليد البالية الشرقية التي لا تمت إلى الدين بصلة.
- الخلط بين مبادئ الدين الإسلامي وتصرفات بعض المسلمين التي هي مرفوضة ومدانة من قبل الجميع.
كل ذلك أدى إلى تبني صورة نمطية للمسلمين في الذهنية الغربية، والتي تطورت عبر قرون طويلة ظللتها أجواء التصارع والتفاعل المتوتر غير المتوازن بين الجانبين، فأسقطت على الشخصية المسلمة كماً هائلاً من الافتراءات والخيالات المريضة، إذ تصورها بالجشع والنهم والغباء والسفه والمكر واحتقار المرأة والتكالب على الشهوات. كما كان للتطبيق المتزمت للإسلام، الذي يركز على الشكل، على حساب الروح والمضمون، من جانب بعض أنظمة الحكم التي تزعم اتخاذ الإسلام منطلقاً للتشريع فيها، النصيب الأكبر في الإساءة إلى الإسلام وتخويف الناس منه. إذ أظهرته تلك الأنظمة وكأنه جلاد قاس متحجر القلب متعطش للدماء يطارد الناس لسلبهم حرياتهم وحرمانهم من كل مظاهر البهجة، وإجبارهم على إتيان الفرائض والطقوس الدينية على الرغم منهم!.
)الإسلاموفوبيا) في الغرب بدأ يقابلها (المسيحوفوبيا) في البلدان الإسلامية، فقد أخذت بعض التنظيمات الدينية المتزمتة والمتطرفة تنظر إلى مواطنيها المسيحيين على أنهم طابور خامس مزروع بينهم يتحين الفرصة للانقضاض عليهم، كما يحدث في العراق ومصر وليبيا وتركيا وباكستان حيث سجلت عمليات اعتداء طالت المواطنين في هذه البلدان.
ولمعالجة هذه الحالات المرضية يجب على العقلاء من الطرفين إبعاد الدين عن الخلافات السياسية، والتركيز على القيم الإنسانية التي تجمع كل الأديان السماوية والأرضية والفلسفات الأخلاقية التي تهدف إلى السمو والارتقاء بالإنسان واحترام جميع المعتقدات وعدم تسفيه الإيمان المخالف، عندئذ نكون قد خطونا الخطوة الأولى في عملية تحويل الصراع بين الأديان إلى تنافس فكري وأخلاقي وأدبي يهدف إلى رفع الظلم ومكافحة البؤس عن البشرية جمعاء.