يتساءل البعض حول العمليات الإرهابية التي تنسب للثورة، و التي ترتدي تارة لبوس القاعدة، وأحياناً يُراد إلحاقها بالجيش السوري الحر، أو لعناصر محسوبة على الثورة ..
الكتلة في رؤيتها السياسية ومهامها البرنامجية . في وثيقتها الأساسية، وجميع توجهاتها ومواقفها أوضحت انتماءها للثورة وخطابها المعلن كثورة حرية وكرامة، وثورة الشعب السوري لإقامة دولته المدنية الديمقراطية التعددية، بجوهرها الذي قامت عليه، وهو سلميتها، وبتطور مساراتها إلى حق الدفاع عن النفس المشروع، وترجماته في الجيش السوري الحر إطاراً وحيداً، وذراعاً للثورة، على قاعدة تنظيم صفوفه، وتحديد مهماته، ومرجعيته السياسية . كما أنها أعلنت مراراً رفضها لفوضى التسليح والتسلح، ومحاولات بعض الجهات الداخلية والإقليمية، والغامضة إقامة ما يشبه الحالات المليشياوية، والدكاكين التي تعمل لصالح هذه المجموعة أو تلك، والقذف بالأسلحة من مصادر مختلفة لإحداث إرباكات وفوضى داخلية، وخلط الأوراق، وهي عمليات لا نبرئ نظام الطغمة منها، ولا الأصابع التي لا تريد الخير للثورة والوطن .
وإذا كان نظام الطغمة الفئوي يعمل بتخطيط منهّج منذ الأيام الأولى لاندلاع الثورة على شحن الأجواء الطائفية وموضعتها بعمليات التسليح لجماعات طائفية معروفة، وتجييش شبيحته لممارسة القتل والاغتصاب والتدمير والتمثيل بالشهداء، ودفن بعضهم أحياء، ونشر السموم الطائفية المعبّأة بالأكاذيب والقصص المخيفة، والقيام بعمليات فئوية واضحة لتوتير الأجواء، ومحاولات تشويه وجه الثورة الحقيقي، وجرجرتها إلى صراع عمودي كانت مدركة لمخاطره ونتائجه.. فإن بعض عمليات ردّ الفعل ذات الصبغة الطائفية والانتقامية.. لا علاقة لجوهر الثورة بها، حتى وإن حُسبت عليها، وتظل تلك العلميات محدودة في مناطق معينة، وبحالات خاصة، وهي بطبيعة الحال مدانة من قبلنا بالتأكيد، لكننا وفي هذه الحالات لا يمكن أنه تكون نظرتنا حولاء فلا نرى المسبب الحقيقي، والقاتل الفئوي الذي يحمل جرثومة الطائفية في أفعاله، ومراميه ونواياه .
إن التركيز في الآونة الأخيرة على السلفية والجهادية، وآخر طبعات توريم وجود القاعدة ونسب بعض التفجيرات لها.. هو في أصله بعض إنتاج أجهزة النظام الأمنية لحرف الأنظار عن حقيقة الثورة وقواها الأساس، وخطها وخطابها الرافض لأية فئوية، أو تعصب، أو أعمال انتقامية ثأرية، ومحاولة شرعنة عملياته الإبادية وجرائمه الموصوفة كجرائم ضد الإنسانية، مثلما تحاول بعض الجهات الخارجية، ولأهداف لا تخفى على أحد، استخدام القاعدة يافطة لترويج سياسات تقع في صلب أجندتها.
بهذا الصدد، وإذا كنا مدركين لموقع الإيمان، والدين الإسلامي بالتحديد في مجاميع شعبنا الثائر، وأهمية تجسيداته التسامحية، الشعبية، المنفتحة، والمصرة على تعزيز الوحدة الوطنية، وعلى لبّ الحرياتى الديمقراطية، والمساواة في حقوق المواطنة، فإن وجود بعض الجيوب السلفية، أو الجهادية هنا وهناك.. هي نتاج لمستوى العنف الذي يمارسه النظام الحاقد ضد الشعب، وهي تظل ظاهرات محدودة الأثر، والانتشار والتأثير .
إن استهداف المدنيين، وعمليات الخطف على الهوية، وبعض التفجيرات التي تلحق الضرر بالشعب وممتلكاته العامة مرفوضة ومدانة من قبلنا بغض النظر عن الجهة الحقيقية التي تقوم بها، والتي لا نبرّئ نظام الاغتيال والتصفيات والتفجيرات منها، ولا قدراته في الاختراق ومحاولات التشويه .
إن الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية التي تطالب الجامعة العربية وأعضائها، والمجتمع الدولي بهئياته ودوله تقديم العون الواجب، والمشروع لشعبنا وثورته في توفير الحماية الدولية للمدنيين، وتأمين الممرات الآمنة للإغاثة المنكوبين والتمتضررين واللاجئين، وتوفير منطقة عازلة ، واتخاذ قرارات واضحة بحق نظام الطغمة وجرائمه الإبادية إنما تؤمن بالقطع أن ثورتنا ثورة شعبية اعتمدت أساساً، وعلى طول مسارات أشهرها المنصرمة على قواها الذاتية، وهي اليوم أكثر إيمانا بمقجرة شعبنا على انتزاع النصر واشتلاع طغمة الإجرام والفئوية والتدمير، وعلى عبور المرحلة الانتقالية نحو الحرية والنظام الديمقراطي التداولي التعددي ..
لقد أعلنت الكتلة موافقتها المشروطة على ” المبادرة الأممية” بتطبيق بنودها الخمس الكفيلة بإحداث واقع جديد سيحسم فيه الشعب معركته المصيرية، وحينها لن يكون هناك مكان لأي حوار ـ هو مرفوض من قبلنا بالتأكيد ـ مع الطغمة، وبما يفتح المجال للتفاوض مع بعض أجزاء النظام من الذين لم تلوث أيديهم بالدماء، ولم يسهموا في قرارات القتل والإبادة، وشرط فتح المجال لمرحلة انتقالية تقودها حكومة مؤقتة تكون الثورة وهيئاتها، والمعارضة والمجلس الوطني أصحاب القرار فيها .
رئيس الهيئة التنفيذية للكتلة
عقاب يحي