ثلاثة أسابيع فقط تفصلنا عن الانتخابات الأمريكية، حيث يتقابل خطابان؛ الأول خطاب عنصري يدعو إلى الكراهية والدكتاتورية المغلفة، ويمثل هذا الخطاب الرئيس السابق دونالد ترامب وصقور الحزب الجمهوري، أما الخطاب الثاني فهو ديمقراطي، يخاطب مصالح الطبقة الوسطى وما دونها، ويمثل هذا الخطاب المرشحة عن الحزب الديمقراطي، نائبة الرئيس الحالية، وهي سياسية بارزة دخلت المعترك السياسي بعد أن حصلت على دعم الإدارة الأمريكية الحالية ومجمل الرؤساء السابقين.
العملية الانتخابية التي تنطلق يوم الثلاثاء الخامس من نوفمبر ستعلن نتائج الانتخابات، ليس الرئاسية فحسب، بل أيضاً كامل أعضاء مجلس النواب وبعض أعضاء مجلس الشيوخ، إضافة إلى بعض اقتراحات القوانين التي تمس حياتنا اليومية.
لماذا نقول لا لترامب، ونعم لكامالا هاريس؟ منذ أن فشل ترامب في انتخابات 2020 وهو يسعى، ويجمع حوله صقورًا يماثلونه في الخطاب العنصري المقيت.
دونالد ترامب كان رئيس الغفلة في 2016، ولكنه كان يبث الفرقة في المجتمع الأمريكي. وهو ورث من الرئيس الديمقراطي باراك أوباما اقتصادًا متعافياً بعد كارثة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، الذي هو الآخر خرب الاقتصاد وقاد حربين: الأولى في أفغانستان، والثانية في العراق، حيث برز في المجتمع العراقي طائفية مقيتة خلقت جداراً بين سنة العراق وشيعته، وهاتان الحربان جرتا على منطقتنا الويلات، وأعادتنا هذه الطائفية إلى 1400 سنة إلى الوراء.
ترامب بكل المقاييس عنصري، ليس فقط في طرحه، بل في سلوكه أيضاً. فهو فشل في مواجهة أزمة كورونا، كما فشل في إلغاء أو تصحيح البرنامج الصحي الذي يحقق نوعاً من العدالة الاجتماعية، حيث تشمل الرعاية الصحية معظم أفراد المجتمع الأمريكي.
وقد فشل السناتور الجمهوري الراحل جون ماكين في تمرير العديد من خطط الرئيس دونالد ترامب، وهي خطط متهورة وغير مقبولة حتى من الأعضاء الجمهوريين الرزينين. لنعدد هنا بعض ما يطرحه ترامب لكي نصل إلى خطابه العنصري: هو يريد أن يرمي ملايين من البشر خارج حدود الولايات المتحدة، وحكم عليهم سلفاً بأن سجلهم إجرامي، وهذه ثغرة غير قانونية. هنا لا بد أن نطرح عليه سؤالاً: كيف سيطبق هذا الترانسفير العنصري، هذا إن نجح؟ سوف يتحول إلى ديكتاتور مصغر، وهو يشير دائماً إلى إعجابه بالديكتاتور الروسي فلاديمير بوتين الذي أدخل روسيا في حرب مجنونة ضد أوكرانيا، التي ثبت فشلها في تحقيق هدف هذه الحرب. هل ننسى أول قرار اتخذه وهو رئيس؟ حيث وضع مجموعة من الدول العربية والإسلامية في بوتقة واحدة لمنع دخولهم إلى الولايات المتحدة وعدم منحهم تأشيرات دخول.
هو مؤيد للمادة الثانية من الدستور الأمريكي التي تمنح المواطن الأمريكي حق اقتناء السلاح، وهذا ما أدى إلى فلتان السلاح ليس الفردي فحسب، بل أيضاً السلاح شبه الآلي. ولم يدن ولا مرة الجرائم التي حدثت في المدارس والجامعات.
يؤيد ترامب قيام معسكرات ميليشياوية قد تهدد السلم الأهلي. وهو سيصدر قرارات عفو عن مرتكبي أحداث السادس من يناير 2021 لأنه يعتبرهم أبطالاً لا مجرمين.
يتلاعب ترامب بالقضاء، حيث أوصل إلى المحكمة العليا ثلاثة قضاة غير مؤهلين لهذا المنصب، كما عين مجموعة من القضاة ساعدوه في الدعاوى المرفوعة ضده، وهي كثيرة لا يستهان بها، من دعاوى تزوير الانتخابات إلى التحرش الجنسي. ولكي نختصر الموضوع، علينا العودة إلى ما وصفه أول وزير خارجية له، ريكس تيلرسون، بأنه أحمق “Moron”.
أما كامالا هاريس، فهي تأتي إلى الانتخابات متسلحة بسجل حافل كمدعية عامة في ولاية كاليفورنيا، ثم كعضوة في مجلس الشيوخ، وأخيراً كنائبة رئيس. خطابها المتزن أدى إلى تمتعها بدعم مجموعة لا بأس بها من السياسيين الجمهوريين، حيث دعوا إلى التصويت لها في الانتخابات على أمل أن يفكوا الحصار الذي فرضه ترامب على الحزب الجمهوري ويعيدوه إلى الصواب، بعد أن فقد الحزب الكثير من مصداقيته.
هي مع إعطاء الطبقة الوسطى وما دونها نوعاً من الإعفاء الضريبي.
كامالا هاريس ضد أي تمييز بين الولايات، وستمنح الولايات التي تضربها الكوارث الطبيعية الدعم دون تمييز بين ولاية زرقاء أو ولاية حمراء.
هي ضد السلاح المتفلت، وتدعو إلى وضع ضوابط لبيع وشراء الأسلحة.
تتمتع بتأييد العديد من النساء والملونين، حيث تطرح عليهم ما يحقق مصالحهم مثل قانون الإجهاض وعدم التمييز في المجتمع.
فيما تقدم، ندعو إلى انتخاب كامالا هاريس ومجمل المرشحين الديمقراطيين، رافضين الخطاب العنصري لترامب ومجموعة الصقور الذين يساندونه. يبقى صندوق الانتخاب هو الحكم بما سيقرره أغلبية الشعب الأمريكي، وكلنا أمل بسقوط ترامب ونجاح كامالا هاريس وحزبها الديمقراطي.