يسرني أن أبعث بأحر التهاني وأصدق التبريكات بمناسبة تحرير حلب وسوريا من قبضة الظلم والاحتلال، إلى جميع السوريين. هذه اللحظة العظيمة تحمل في طياتها أملاً جديداً لغد أفضل، نحقق فيه العدالة والاستقرار لبناء مستقبل مشرق للوطن.
أدام الله فرحتكم وشغفكم بالمستقبل المشرق، ونتطلع جميعاً معاً إلى سوريا جديدة متحررة من كل أشكال الظلم والضياع.
عاشت سوريا حرة أبداً وأبد الدهر.
مقدمة:
في عام 2016، سقطت حلب في يد البرابرة من النظام السوري، إلى القوات الروسية، ثم الميليشيات الإيرانية المجرمة. شملت هذه القوات حرس ثوري، حزب الله اللبناني، ولواء الزينبيون، لواء فاطميون، وأيضاً قوات الحشد الشعبي العراقية. هذا السقوط حدث في عيد ميلاد السيد المسيح، الذي وُلد من أجل خلاص الإنسان. شاهدت حينها أطفال حلب، شيوخها، والنساء، والكثير من المدنيين مرميين على قارعة الطريق، ضحايا البرد القارص والخوف والرعب من هذه البربرية.
في عام 2024، ومع استعدادنا لدخول شهر الميلاد، تحررت حلب بعد انهيار النظام البائد بطريقة غير متوقعة. تلتها حماة، هذه المدينة المكلومة التي استباحها حافظ الأسد وأخيه رفعت في شباط 1982، وكأنهم هولاكو عصري. استمر النظام في الانهيار، وصولاً إلى العاصمة دمشق التي أطبق عليها من ثلاثة محاور: حمص المكلومة، درعا التي كتب أطفالها “الشعب يريد إسقاط النظام”، وأيضاً السويداء التي صمد أبناؤها أمام الطاغية لأكثر من عام. في النهاية، فر المستبد إلى حليفه وشريكه في قتل السوريين، طاغية روسية فلاديمير بوتين، ليتم تحرير سورية خلال أقل من عشرة أيام بعد تخليه عن جيشه وطائفته، مما تركهم فريسة لفراغ في السلطة.
الانتصار والتحرير
اليوم، شعرت بنشوة الانتصار واحتفلت بعيد ميلاد السيد المسيح. رغم حزني على أختي، احتفلت اليوم مع الجالية التي شعرت معها وكأني بين مواطني سورية بكل مكوناتها. هذه المواطنة كانت حلم المطران المغيب مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، الذي بقي مصيره مجهولاً حتى الآن.
لا نستطيع تناول الحدث السوري المزلزل الذي أدهش كل من سورية، العراق، لبنان، وتركيا. كان هناك تحول كبير في المنطقة بعد خروجها من المظلة الإيرانية، التي حاولت نقل الثورة الخمينية إلى مناطق الهلال الشيعي. هذا السقوط حدث في غزة ولبنان وسورية، وقد يلحق بهم العراق حيث فلول الحشد الشعبي لا تزال تحرك المشهد السياسي العراقي. يجب أن نتعمق في ما حدث من 27 تشرين الثاني إلى 7 كانون الأول 2024 لكي نستنتج حلولاً لكل المنطقة بمقال هنا أو هناك، للإشارة إلى بعض النقاط التي يمكن أن تكون بمثابة خارطة طريق لسورية المستقبل.
النقاط الرئيسية
تفكك الدولة السورية: استلمت القوات المقاتلة دولة هشة، منخورة من الداخل، ليس فيها أي مكونات للدولة الحديثة. هذا التفكك تم بفضل النظام البائد خلال حكم البعث وعسكره.
الفساد القضائي: من الأمور الهامة، لأن القضاء النزيه والعادل لا يمكن أن يتحقق من دون هذا. هناك قضاة نزيهون ومنهم من أحيل إلى التقاعد يمكنهم تشكيل هيئة قضائية تصلح ما أفسده النظام.
استعادة ممتلكات الدولة: من الممتلكات التي هي للدولة، أي للشعب، من حزب البعث والأحزاب المنضوية تحت مظلة الجبهة الوطنية التقدمية، ومحاسبتهم على ما اقترفته أيديهم من مصائب كالانتهازية والمحسوبية.
إلغاء الجيش العقائدي: يجب أن يحل محله الجيش السوري الوطني الذي يبنى على هيكلية وطنية وليس لحماية النظام. الجيش يجب أن يكون عقيدة قتالية تحمي الوطن وليس النظام.
إصلاح أجهزة الأمن الداخلي: تشمل الشرطة، الأمن الجنائي، وأمن الأدلة القضائية، التي تكون الوسيط بين الشعب وبين الدولة بكل مؤسساتها.
إصلاح اقتصاد ومالية الدولة: على أسس سليمة وفق الأنظمة المعمول بها في الدول ذات الحداثة. لدينا اقتصاديون وطنيون وشرفاء يمكنهم وضع مصلحة غالبية الشعب السوري فوق فئة محددة.
خاتمة
هناك نقاط عديدة أخرى يمكن تناولها بمقالات قادمة، لكنني سأختتم هذا المقال بنقطة جداً هامة: الابتعاد عن الخوف، وتعلم أن نقول “لا”. فنحن شركاء في الوطن ولسنا رعايا لأي متسلط كائن من كان. التعلم أن نقول لا للخطأ هو الذي يصلح الدولة والمجتمع. الخوف شعور إنساني مشروع، ولكن ليس لدرجة الخوف من من أسقط النظام الإرهابي، الذي علمنا أن لا نقول لا بل نقول له نعم طوال الوقت، لذا تحولنا إلى رعايا وليس لمواطنين.