حمل الاربعاء الماضي 18 تموز (يوليو) للشعب السوري نبأ اسعده، وأصاب النظام المنتظر السقوط بالتعاسة، فلقد تم القضاء على ما يسمى بخلية الازمة، وأعلن عن مقتل خمسة منهم: داؤود راجحة، حسن تركماني، هشام بختيار ومحمد الشعار، وبالطبع بيضة القبان والشخصية المكروهة من كل الشعب السوري ومن الشعب اللبناني الا هو آصف شوكت صهر الطاغية بشار الاسد. وماذا عن البقية؟ فالخلية تحتوي شخصيات أمنية اخرى ولكن لم يعرف مصيرهم بعد، فكالعادة صمت النظام صمت الاموات حول مصير البقية فاتحا الطريق امام العديد من الشائعات، ومن جملة هذه الشائعات مقتل احد اركان الحرس الثوري الايراني وكذلك رجل المخابرات المصري عمر سليمان وغيرها وغيرها من الشائعات.
أجمل تعليق كان العنوان الذي اختاره سلام كواكبي، حفيد عبد الرحمن الكواكبي، لمقاله “خلية الازمة في أزمة”! فمن هي خلية الازمة هذه؟ خلية الازمة هي في الحقيقة عبارة عن حكومة مصغرة تتألف في الدول الراقية من وزراء الحقائب السيادية بالاضافة الى رؤوساء الاجهزة الامنية وقيادة الاركان، وتجتمع عادة برئاسة، اما رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء. في سورية لا تواجد للسلطة السياسية في هذه الخلية لانها غير متواجدة، فرئيس الحكومة هو عبارة عن طرطور ووزرائه على شاكلته لا سلطة حقيقة لهم، فالسلطة السياسية هي في يد الاجهزة الامنية التي تعينهم، وهذه الخلية هي التي تتخذ القرارات ويبصم عليها رأس النظام.
الشائعات كثيرة حول من قام بالعملية، فالبعض يقول بانهم قد قتلوا منذ المرة الاولى التي اعلن عن تسميمهم، البعض الاخرى يقول انها مشكلة داخلية بين أركان النظام، وبالطبع علينا ان لا نغفل ادوات البرباغندا الحكومية بأن التفجير تم من بيت السفير الامريكي القريب من مكان انعقاد هذه الجلسة، اي انها مؤامرة كونية ضد النظام البائد.
من قام بهذه العملية مهم، ولكن الأهم هو نتائجها، فالنتيجة كانت نهاية متوقعة ومأسوية لهذه الخلية. بالطبع مقتلهم لا ينهي الازمة الوطنية السورية، ولكن العملية بحد ذاتها هي المهمة لانها عملية نوعية تطرح عدة سيناريوهات، من أهمها:
اذا كانت القوى التي تقاتل النظام هي التي قامت بالعملية، اذا لقد بلغت هذه القوى من القوة الاستخبارية درجة عالية كي تستطيع ان تخرق أمن النظام، حيث توصلت الى معلومات دقيقة عن مكان وموعد انعقاد مثل هذه الجلسة. هذا السيناريو يؤكد ضعف الاجهزة الامنية التي تدير الازمة، حيث انساهم تلهيهم بقتل الشعب السوري عن حماية انفسهم.
السيناريو الثاني: المؤامرة الخارجية، وهذا السيناريو هو دليل أخر بأن هذا النظام اصبح ضعيفا الى درجة ايصال الازمة الى دقن هذا النظام. فاذا صح هذا السيناريو فهذا يعني بأن هذه الاجهزة لم تكن تقوم بعملها لحماية الامن القومي للوطن، من هنا كان نجاح تنفيذ العملية. بالطبع تدخل هنا اسرائيل والاجهزة الامنية الغربية اضافة بالطبع الى الاجهزة الامنية لتركية وقطر والسعودية، حيث بلغ الخيال احدى الصحف المؤيدة للنظام الى اعتبار تعيين الامير بندر على رأس الجهاز الامني السعودي مكافأة له على نجاح العملية.
اما السيناريو الأبشع هو ان العملية هي عبارة عن تصفية داخلية ما بين اركان النظام، وهذا السيناريو ليس لصالح النظام كونه يشير الى ان النظام اخذ يتخلخل ومن هنا بدأت التصفيات فيما بينهم. فمن اعدام الشهيد، العماد علي حبيب وزير الدفاع الاسبق، الى الانشقاقات في القيادات العسكرية ومنهم مناف طلاس، الذي كان في الحلقة الضيقة لرأس النظام الفاسد، وهذه التمزقات رغم ضعفها هي دلالة على ان هناك ازمة في السلطة القمعية في سورية.
كل السيناربوهات ليست لصالح النظام، فكلها تشير بأن النظام متأزم واسقاط الحراك الثوري ليس بالنزهة السهلة كما اوهمت الانظمة الامنية رأس النظام بأن ما يحدث ليس الا مؤامرة كونية على ” سورية الممانعة”، “سورية المقاومة”، “سورية الصمود والتصدي”. ما حدث الاربعاء الماضي، لا تبرير له الا ان النظام قد وصل الى حالة من التأزم وبدأ يتفجر رويدا رويدا، وخير دليل على ذلك خروج دمشق الفيحاء وحلب الشهباء عن سلطة النظام ليشاركوا وبقوة في الحراك الثوري.