31 كانون الأول من كل عام يحتفل العالم بنهاية عام وقدوم آخر، وكل تمنيات البشرية ان يكون القادم أفضل من السابق، ولكن قلة قليلة هي من تعمل جردة حساب لما مرق عليها بمرها أكثر من حلوها، اليوم نستطيع ان نقف على أبواب 2024 لكي نعمل جردة حساب على ما مضى.
بالنسبة لي ما يهمني هو منطقتنا، ورغم تغيير خارطة اسمائها، فهي تبقى في قلب الحدث، فهي المنطقة التي شهدت ولادتنا، سواء على مستوى البيولوجي او على مستوى وعينا السياسي.
الحدث السوري يبقى على حاله، فالمقتلة السورية مستمرة منذ العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، وهي مقتلة فاقت كل التوقعات، سواء على المستوى الإنساني او على المستوى السياسي، ولقد استمرت الدول المستعمرة وبيادقها، باستباحة الانسان السوري، لصالح مصالحها، وحتى اجوائنا لم تسلم حيث لا يمر أسبوع الا والطيران الإسرائيلي يقتل ويدمر على مستوى بسيط ولكن هي تبشر بشكل سيء نحو المزيد من القوة.
جاء الزلزال القوي الذي ضرب كل من المنطقة الحدودية ما بين تركية وسورية، حيث ضرب زلزال قوي. على المستوى التركي، اسرعت الحكومة التركية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبالمقياس للضربة المزلزلة كان التحرك التركي ناجحاً، بكل المقاييس العالمية. سورياً، فشل النظام السوري وحلفائه بلملمه جراح الشعب السوري الذي تزلزل هو الآخر، وعوضاً ان يحزن رأس النظام للمصاب السوري، نراه يزور منطقة حلب، وهو يضحك كالأبله على هذه المصيبة، وقد زاد من ضحاياها سكان تلك الأبنية التي تصدعت بتلك البراميل المدمرة، وتلك القنابل المدمرة التي فجرها العدو الروسي في سماء حلب، تلك المدينة الغالية على قلبي، بالطبع المصابين من المناطق الأكثر إصابة، حيث لم يدخل في حسابه مناطق سيطرة المعارضة، وكأنهم بالنسبة له ليسوا سوريين.
سارعت الدول العربية والعالمية على إرسال المساعدات الانسانية حيث كانت فرصة لصيادي الفرص ليقتنصوا هذه المساعدات ويبيعوها لصالح النظام الذي أصر على تمر كل المساعدات عبره، وهي نية مبيتة لسرقة الشعب السوري المصاب. بالطبع سارعت معظم الدول العربية الى نوع من فتح صفحة جديدة مع النظام التي أدت الى إعادتها الى مقعد سورية في الجامعة العربية، وصولاً الى دعوة رئيس النظام الى قمة جدة، ولكنه لم يحاول النظام ان يجمل نظامه لكي يعود الى الساحة العالمية، فخسر الفرصة لصالح تجار الكبتكون، وهو يتزعمهم لكي يأتي زلزال 7 أوكتوبر في طوفان الاقصى ليكشف كذب النظام على كافة المستويات، فهو لم يطلق اي طلقة على الطيران الاسرائيلي الذي أخرج كل من مطاري حلب ودمشق أكثر من مرة خارج من الخدمة، ليكمل قتله الحرس الثوري الايراني الموجود في سورية، ليُتوجه بمقتل خليفة قاسم سليماني في سورية، رضى حسين الموسوي ومعه احدى عشر قيادياً من الحرس الثوري الايراني، ليكتمل الحدث السوري مع رحيل المعارض السوري رياض الترك. لابد لنا ان نشير ظهور تجدد الثورة السورية من خلال تظاهرات السويداء التي كانت تتصاعد وحتى الآن مستمرة، وفشل النظام عن تحطيمها كونه اصبح ضعيفاً، وأصبحت اظافر النظام مقلمة، وخاصة بعد قيام ثوارها بضرب حزب البعث العربي الاشتراكي ذاك البغل الذي ركبه العسكر والنظام، وهو جزء من السرطان الذي اعاق نجاح الثورة السورية.
عربياً : كان استمرار الحروب الصغيرة والكبيرة، لتختم بعملية طوفان الاقصى التي افردنا لها عدة مقالات والتي ادت الى المجزرة الاسرائيلية في قطاع غزة، حيث تزداد جرائم قتل الابرياء في القطاع، وفشل المساعي العربية والاسلامية في ايقاف هذه المجزرة. وتمزق السودان الى سودانين في حرب اهلية قاتلة، وهي لازات مستمرة حتى الان. ناهيك عن ضرب الديموقراطية في مصر حيث عدل الدستور لتسهيل ان يحكم السيسي فترة أكبر وهو ووزراءه فاشلون على كافة المستويات.
عالمياً: استمر القتال بحرب بوتين المجنونة ضد أوكرانيا، والتي افقدت هيبته من خلال الانقلاب العسكري، الذي قادته مجموعة فاغنر، ورغم فشل الانقلاب واغتيال قائده، الا انه أدى الى زعزعة النظام الروسي الذي اثبت هشاشته. ولقد شهد هذا العام تنفيذ اذربيجان ترانسفر كبير لشعب كارباخ الأرمني والذي أدى تطهير أذربيجان للشعب الأرمني في تلك المقاطعة المتنازع عليها منذ سنوات طويلة، والتي أدت الى نهاية هذه المسألة التي دامت سنوات طويلة تتجدد بشكل سنوي تقريباً، ولقد تأمر كل العالم على تمرير هذا الترانسفر، وخاصة النظام الروسي.
رغم فداحة الاحداث فان الامل يبقى مستمرا ولولا الامل، يبقى العالم اسير التشاؤم، فالأمل هو الذي يدفع الى استمرارية نضال الشعوب ضد مستبديها، فعسى ان يكون هذا العام خيراً على هذه الشعوب التي آن لها ان تدخل الى عصر الحداثة والتقدم على طريق الدول المدنية الديموقراطية يسودها مبدأ المواطنة الذي رفعه المطران المغيب مار غريغوريس يوحنا ابراهيم.