من عاداتي السيئة، ولكن المفيدة، أن أتابع البرامج الإخبارية الأمريكية، وخاصة خلال فترة الانتخابات، لمعرفة مجرياتها. البارحة، بينما كنت أتابع CNN، سمعت خبراً هزني من الأعماق. تحدث مدير الصحة في وكالة الأونروا عن ضرورة تطعيم عشرات الآلاف من أطفال غزة ضد شلل الأطفال. صرح بأن الحرب الجارية في غزة جعلت جميع الرضع بحاجة إلى التطعيم لمنع انتشار المرض، الذي قد يؤدي إلى خروج جيل من الأطفال المعاقين.
قسمت هيئة الصحة في الأونروا قطاع غزة إلى ثلاثة محاور، وسمحت إسرائيل بتطعيم الأطفال حتى 12 سبتمبر 2024، أي خلال عشرة أيام فقط. لكن وفق التصريحات، فإن عدد الأطفال الذين سيتمكنون من تطعيمهم لا يتجاوز ألف طفل يومياً، أي حوالي 12 ألف طفل فقط. كما أضافوا أن التطعيم لكي يكون فعالاً يجب أن يتم على مرحلتين تفصل بينهما أسبوعين. ولكن في ظل الظروف الراهنة، يبدو أن الوقت المتاح غير كافٍ، وقد يذهب الجهد هباءً.
صوت يعلو فوق الحرب مع تدهور الأوضاع الصحية في غزة وتدمير المستشفيات والمراكز الصحية، يتساءل الجميع: ماذا جلبت “حركة 7 أكتوبر 2023” لهؤلاء الأطفال؟ أطفال غزة كانوا يحصلون على رعاية طبية، وتطعيم، ولو بحده الأدنى، قبل أن تُهدم المستشفيات وتُدمر البنية التحتية بالكامل.
يحيى السنوار، قائد حماس، يتفاخر بمحاربة إسرائيل من الأنفاق، لكن هل هذه الحرب من الأنفاق تفيد الناس فوق الأرض؟ إسرائيل، على مدار الأشهر الـ11 الماضية، لم تترك مستشفىً إلا وألحقته بالدمار. الجيش الإسرائيلي، أو كما يُسمى “جيش الدفاع الإسرائيلي”، رغم تسميته بـ”الدفاع”، لم يتوقف عن الهجوم منذ عام 1948 وحتى اليوم.
أين شعبكم؟ يحيى السنوار ومن معه، من حسن نصرالله إلى الحوثيين، ماذا فعلوا للشعب الفلسطيني؟ الجواب: لا شيء. في المقابل، “عدونا” بنى الملاجئ تحت الأرض لحماية شعبه، وحوّل مواقف السيارات إلى مستشفيات ميدانية تحتوي على آلاف الأسرّة لمعالجة المصابين. نشرت إسرائيل مؤخرًا أن أحد المواقف الطابقية في مدينة حيفا تم تحويله إلى مستشفى ميداني يحتوي على 2000 سرير.
أما نحن، ففي أحسن الظروف نفتخر بأننا بنينا الأنفاق، سواء في غزة أو جنوب لبنان، ولكن “طز” لهذه الأنفاق، فهي لا تتحول إلى ملاجئ لشعبنا ولا إلى مستشفيات. هذه الأنفاق حُفرت لحماية القيادات، مثل السنوار والضيف، وليس لخدمة شعب غزة.
من المستفيد الحقيقي؟ أمس، صرح أحد المفاوضين الإسرائيليين بأن نتنياهو والسنوار أصبحا ضروريين لبعضهما البعض، لاستكمال مجزرتهما بحق الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. كما تم الكشف عن مقتل ستة رهائن، بينهم أمريكي، في أحد الأنفاق، مما أعاد جهود وقف إطلاق النار إلى نقطة الصفر.
لو توقفت الحرب اليوم، لذهب نتنياهو وقادة اليمين المتطرف إلى السجون. ولو كان لدينا نظام محاسبة، لذهب قادة حماس، الذين كانوا يتلقون أكثر من 30 مليون دولار شهرياً من المال القطري، إلى السجون أيضاً.
الخاتمة: “ويل لكم!” نعود إلى المربع الأول ونسأل: ويحكم، ماذا فعلتم بأطفال غزة؟ ماذا جنيتم للشعب الفلسطيني؟ تباً لكم.