من يتتبّع إعلام الممانعة يظنّ لوهلة أنّ وظيفة هذا المحور وأولويته الدفاع عن المسيحيين، من تظهير مواقف كنائسهم إلى تسليط الضوء على واقعهم، وكلّ ذلك في عملية تزوير وغشّ وتضخيم غير مسبوقة، ليس أقلّها نفي المرجعيات الروحية كلّ الأخبار التي تحدّثت عن مجازر في «معلولا» بحقّ المسيحيين في هذه البلدة.
شارل جبور
رئيس تحرير جريدة الجمهورية اللبنانية
جاءت أحداث مدينة معلولا لتكون مادة دسمة للاعلام ” الممانع ” لكي يُحول ما حَدث في معلولا الى أحداث مبالغ بها، وتخدم بذلك النظام المتهالك والخائف من الضربة الامريكية، وما أستنفار القوى المتحالفة مع النظام السوري الا خير دليل على هذا التخوف.
وحقيقة ما حدث في معلولا سيبقى غامضاً كالعديد من الحوادث التي جرت في سورية نتيجة رعونة النظام، ولكن في الوضع الحالي علينا ان نستند الى المصادر الكنسية المتواجدة على ارض معلولا، او خارجها حيث كان لنا مصدران الاول من رئيسة دير مار تقلا الاخت صياف التي أعلنت وعلى أكثر من فضائية بأن ما تتناقله الأخبار ليس بالصحيح ومبالغ به وبأنهم لم يتعرضوا لاي ضرر سواء على المستوى المادي او المعنوي، وكذلك تصريح غبطة البطريرك اليازجي الذي أعلن عن عدم وجود اي ضرر أصاب الاديرة او الكنائس في معلولا.
في ذات الوقت كان الخطاب المهتاج لغبطة البطريرك اللحام، الذي اثار عاصفة من التصريحات المبالغ فيها حيث اثار مخاوف الكثير من المسيحيين سواء السوريين او غير السوريين، وقد تلقف الإعلام ” الممانع ” و”المقاوم ” هذه التصريحات ليصب الزيت على النار ويحرك الغرائز الدينية عند المسيحيين الخائفين، ويدعم مقولة النظام بأن التكفيرين هم من ارتكب المجازر في معلولا. ولقد كان البطريرك اللحام يركز، ما بين المداخلة والأخرى، على ان “علينا ان نذهب الى جنيف” وكان قرار الذهاب الى جنيف او عدمه هو رهن بارادة غبطته، ولقد نسي غبطته بأنه بذلك يفضح تسويقه لسياسة النظام الخائف من الضربة العسكرية ضد نظام الاسد. ولقد عاد غبطته وفي مداخلته مع برنامج بموضوعية مع وليد عبود ان يخفف من حدة خطابه السابق ويعود الى واقعيته، ولكن بقي على ادعائه بأن هناك صلبان قد انزلت عن الأديرة وهو ما انكرته الأخت الصياف جملة وتفصيلا.
لنفرض جدلا بأن التكفيرين قد قاموا بما يدعي النظام، فاين كانت قواته ولماذا لم تدافع عن المدينة، وحسب زعمهم، “المنكوبة،” وتركت أمن المدينة في يد شبيحة النظام (اللجان الشعبية)، لكي تبرز فجأة هذه القوات لتقوم بقصف المدينة، دون التمييز ما بين الاديرة وفندق السفير وقلب المدينة، وهذا ما اثبته قناة روسيا اليوم وذلك عن طريقالخطأ( انظر الفيديو الملحق)، فاضحة النظام السوري المتحالف مع روسيا. اذا كانت دبابات النظام موجودة فعليا بالقرب من مدينة معلولا فلماذا لم تتدخل لمنع ان يحدث ما حدث؟ في الحقيقة ان هذه القوات قد استغلت ضرب حاجز اللجان الشعبية (الشبيحة) لضرب الاديرة، وهي التي لم ترعى أي حرمة سواء للكنائس او الجوامع او اي مقدسات.
والشيء بالشيء يذكر، فأن أخر تصريح لنيافة المطران مار غريغوريس يوحنا ابراهيم، المطراف المختطف ولا أحد يدري من خطفه، والمستغلة قضية اختطافه من انصار النظام في الكنيسة السريانية الاورثوكسية وغيرها من اواسط النظام، على الـ بي.بي. سي حيث صرح بأن ” كنائسنا غير مستهدفة من أحد، رغم وجود بعض الحوادث العشوائية، ونحن كمسيحيين غير مستهدفين ووضعنا في سورية كمسيحيين غير وضعهم في العراق، فنحن ليس لدينا مشكلة مع الآخر(اي الاكثرية المسلمة). ” وقد عبر في ذات التصريح عن ألمه عن قتل الانسان السوري دون التمييز عن دينه، محملا النظام والمعارضة مقتل هذا المواطن. بالطبع، كذلك لم يكن النظام راضياً عن كلمة المطران يوحنا ابراهيم في مؤتمر طهران وخارطة طريقه التي كانت أكثر من ممتازة، والتي كانت الكلمة الاكثر جدية في المؤتمر، الذي كان، باستثناء نيافته، جوقة معارضة كاذبة من مطبلين ومزمرين. ومن هنا تكثر الشكوك عن اسباب خطفه ومكان تواجده الان، وهي تستغل من قبل الطالع والنازل ولا احد يعرف حقيقة الجهة التي خطفتهما.
مسيحيو سورية ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية وليسوا محمية عند النظام ولا عند غيره بل هم مواطنين سورين لهم ما لباقي المواطنين وعليهم ما على كل المواطنين دون التمييز ما بين دين وآخر وما بين مذهب وآخر.
أن نظاماً لا يستطيع ان يحمي مقدسات شعبه الى أي دين انتمى او لأي مذهب كان، نظاما لا يستطيع ان يحمي شعبه الذي يدعي زورا وبهتانا بأنه لا زال على ولائه له، لا يمكن أن يبقى ولا يمكن أن يحكم شعبا لا يستطيع حمايته والدفاع عن مقدساته.