مع تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل ولبنان واغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، يبدو أن لبنان قد لا تكون المحطة الأخيرة في سلسلة العمليات الإسرائيلية. فمع ما يمثله حزب الله من نفوذ في لبنان وسوريا، تتجه الأنظار الآن نحو الساحة السورية لتقييم تداعيات هذا الاغتيال على مقاتلي الحزب الذين كانوا قد تدخّلوا في الحرب السورية دعماً لنظام المجرم بشار الأسد.
رغم الهيمنة التي يتمتع بها حزب الله بين الفصائل المدعومة من إيران في سوريا، إلا أن وجوده هناك بات مهدداً بعد اغتيال نصرالله. فقد كانت علاقات الأمين العام لحزب الله مع ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري وقائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري، قوية بشكل ملحوظ. هذا الارتباط الوثيق بين حزب الله والجيش السوري، وخاصة من خلال ماهر الأسد، كان جزءاً من استراتيجية إيران لتعزيز نفوذها في المنطقة.
لكن مع مقتل نصرالله، بدأ التساؤل عن مدى استمرارية هذا النفوذ، وعن استعداد إسرائيل لتوسيع نطاق عملياتها من جنوب لبنان إلى الأراضي السورية، إذا ما شعرت بوجود تهديد مباشر من هناك.
التداعيات المحتملة على سوريا
يرى الباحث الأميركي نيكولاس هيراس، أن إسرائيل قد تستهدف مواقع داخل سوريا إذا اعتبرت أن وجود القوات المدعومة من إيران يشكل تهديداً مباشراً لها. ويضيف أن الأراضي السورية تمثل أهمية استراتيجية كبيرة لإيران، التي تسعى لاستخدامها كأداة للضغط على إسرائيل، وأن اغتيال نصرالله قد يؤدي إلى تغيير في الحسابات العسكرية بين الأطراف المعنية، مع إمكانية أن يمتد الصراع إلى سوريا.
ويؤكد هيراس أن الجيش الإسرائيلي قد يتخذ خطوات لتدمير أصول تابعة للنظام السوري، بقيادة بشار الأسد، كوسيلة لإضعاف إيران وإحباط أي محاولات من حزب الله لتعزيز مواقعه.
في إطار تلك التهديدات المتصاعدة، قامت ميليشيات حزب الله بالفعل بإخلاء بعض مقراتها في وسط سوريا، بما في ذلك مقر رئيسي في تدمر، حيث قامت بتسليم الموقع لجماعات أخرى مؤيدة لإيران. جاء هذا القرار في إطار تعزيز دفاعاتها في جنوب لبنان، وفقاً لمصادر سورية مطلعة، التي نفت أن يكون الهدف من إرسال مقاتلين إيرانيين إلى سوريا هو دعم حزب الله، مؤكدةً أن السبب هو ملء الفراغ الناتج عن انسحاب قوات الحزب من سوريا.
كذلك، أشارت هذه المصادر إلى أن حزب الله قام بسحب عدد من مستشاريه وكبار قادته إلى لبنان بعد اغتيال نصرالله، وكان من بينهم قادة متواجدون في مواقع سورية حساسة، من بينها فيلا يمتلكها ماهر الأسد.
التداعيات على النظام السوري
ورغم الأهمية الاستراتيجية لوجود حزب الله في سوريا، يرى الخبير الاستراتيجي الأميركي آرون ستين أن التأثيرات المباشرة على الوضع في سوريا قد تكون محدودة في الوقت الحالي. إذ يسيطر الجيش السوري على مناطق واسعة من البلاد، ولم يعد لحزب الله دور كبير على الجبهات القتالية.
ومع انسحاب بعض مقاتلي الحزب من سوريا، لجأ النظام السوري لاتخاذ إجراءات للحد من نفوذ الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بما في ذلك إغلاق عدة مكاتب تابعة لها في حلب وريفها.
إسرائيل تراقب سوريا عن كثب
يبدو أن إسرائيل، بعد اغتيال نصرالله، تراقب عن كثب التحركات داخل سوريا، ولن تتردد في التدخل إذا ما شعرت بوجود تهديد يتطلب ذلك. ومع انسحاب حزب الله من بعض المواقع في سوريا، بدأت التساؤلات حول مدى استمرارية الوجود الإيراني العسكري في البلاد، وما إذا كانت دمشق ستظل ملتزمة بتحالفاتها مع طهران وحزب الله في ظل هذه التطورات.
ختاماً، لا تزال الأوضاع في سوريا ولبنان تتسم بالغموض والتوتر المتصاعد. إسرائيل قد توسع عملياتها لتشمل سوريا إذا ما رأت ذلك ضرورياً، في حين يحاول النظام السوري إعادة ترتيب أوراقه لمواجهة تداعيات اغتيال نصرالله، مع تزايد الضغوط على إيران وحلفائها في المنطقة.