يدخل الحراك الثوري في الجنوب السوري يومه الأربعين، والنظام مرتبك ويحاول، عبر القوى العميلة له سواء في سوريا أو لبنان، شق الصف الوطني للحراك. من بين هؤلاء “زعامات” درزية مثل طلال أرسلان ووئام وهاب، اللذين فشلا في الانتخابات النيابية اللبنانية الأخيرة، رغم أن الزعيم الدرزي الوطني وليد جنبلاط ترك لأرسلان مقعداً فارغاً على أمل أن يظفر به، لكنه لم يتمكن من ذلك. لا بد من التنويه بأن الزعيم وليد جنبلاط ساند حراك السويداء، الذي يتزعمه شيخا العقل، الشيخ حكمت الهجري والشيخ حمود الحناوي، فيما وقف الشيخ يوسف جربوع على الحياد.
لا شك أن التظاهر هو إحدى أهم الوسائل النضالية لإسقاط النظام، خاصة بعد تصاعد الشعارات المطالبة بذلك. ولكن، ماذا بعد هذا التظاهر؟ السويداء شهدت موجات من النضال سابقاً، منها حركة الكرامة التي قادها الشيخ وحيد البلعوس، ورفض الشبان الدروز الخدمة في كتائب الأسد وامتناعهم عن الانخراط في قتل الشعب السوري؛ إذ بلغ عدد هؤلاء الشبان أكثر من خمسين ألفاً، ولم تتمكن كل القوى الأمنية من إجبارهم على الانخراط في هذه الخدمة. يجب تسجيل هذا العمل النضالي لهؤلاء الشبان في سجل الشرف للمساهمة في إسقاط النظام.
بعد كل ما سبق، لا بد للقوى الوطنية والديمقراطية، التي أثق بوجودها بمختلف مشاربها، أن تعمل على طرح أسس بديلة للنظام. يمكننا تسمية هذه الأسس بمقومات البرنامج البديل للنظام الذي دمّر سوريا. النظام نفسه اعترف في لقاء مع التلفزيون الصيني بعجزه عن حل المسألة السورية، رغم اتكاله على الجيوش التي تحارب معه، من إيرانيين وروس وميليشيات لبنانية وعراقية.
على هذه القوى طرح حلول للمسائل التالية:
أولًا: القضاء
القضاء الحالي في سوريا فاسد باعتراف الجميع، من قضاة ومحامين. ومع ذلك، هناك بعض الشرفاء الذين لم يتلوثوا بالفساد، وهؤلاء سيكونون أساساً لإصلاح هذا القطاع.
ثانياً: البطالة المقنعة
وهنا نقصد الأجهزة الأمنية بكل فروعها، فهي متورمة وتستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة. هذا “الورم السرطاني” يأتي على حساب الشعب السوري ومصالحه. لو أجرت القوى الوطنية حساباً بسيطاً لكم المدارس والجامعات والمستشفيات التي كان يمكن أن تُبنى لو توفرت هذه الأموال، لظهر حجم الموارد التي تضيع بسبب تورم هذه الأجهزة. وينطبق هذا الوصف على حزب البعث وملحقاته من نقابات فاسدة، فهي أيضًا تستهلك جزءًا لا بأس به من ميزانية الدولة.
ثالثًا: الجيش والقوات المسلحة
من المعلوم أن تدخل الجيش في السياسة هو أحد العوامل التي دمرت سوريا، فهو يستهلك أكثر من نصف ميزانية الدولة ويحتوي على عدد كبير من الضباط المترهلين الذين يجب إحالتهم إلى التقاعد، بل ومحاكمتهم على سرقاتهم. وعلى الجيش، بعد تنظيفه من الفساد، العودة إلى ثكناته دون تدخل في السياسة، ويُفضل أن يكون مدني على رأس وزارة الدفاع، وحقوقي على رأس وزارة الداخلية.
رابعاً: إصلاح التعليم
هذا القطاع أيضاً بحاجة إلى إصلاح جذري، فقد تدهورت الكفاءة فيه لصالح التعيينات القائمة على الولاءات للأجهزة الأمنية. أصبح النجاح فيه مرتبطًا أحيانًا بدفع الأموال أو المحسوبية، مما نتج عنه بعثات وشهادات غير مستحقة.
خامساً: إصلاح قطاعي الصناعة والزراعة
هذان القطاعان يشكلان الركيزة الأساسية للاقتصاد السوري ويدعمان ميزانية الدولة، التي من المفترض أن تساهم في تحسين الهم المعيشي وتحد من الفساد. ومن ضمن هذا الإصلاح، يشمل النفط الذي يعد مورداً كبيراً، لكن عائداته كانت تُحوَّل إلى القصر الجمهوري بدلاً من خزينة الدولة. لم يكن الشيخ الهجري مخطئاً حينما قال إنه لا يحق للنظام توزيع ثروات البلاد على القوى المحتلة من الروس والإيرانيين، لذا يجب إلغاء هذه العقود ليعود ريعها للشعب السوري.
ما سبق ليس كل ما يجب إصلاحه، ومن هم على الأرض ويقودون الحراك يدركون هذا ويعرفون تفاصيل أخرى. نحن نؤمن بقدرتهم على إيجاد الحلول المناسبة، ليس فقط في السويداء، بل في كل سوريا، فالحل سوري، من أجل وطن سوري موحد.