لا يختلف اثنان على أن ديما صادق كانت على حق عندما وصفت التيار الوطني الحر وأعضاءه بأنهم “نازيون عنصريون” إثر تهجمهم على شاب من طرابلس، متهمين إياه آنذاك بأنه قادم من طرابلس، وأنه لا يحق له التواجد في كسروان، وكأن كسروان هي ملكٌ لهم. كأن المواطن اللبناني لا يحق له التجول في أي منطقة من لبنان، من جنوبه إلى شماله، ومن شرقه إلى غربه.
لقد ضج لبنان مستنكراً الحكم الصادر بحق “الإعلامية الحرة ديما صادق”، في سابقةٍ خارجة عن اختصاص القضاء العوني. هذا الحكم أثار حنين اللبنانيين إلى أيام القضاء العسكري خلال الاحتلال السوري للبنان. القاضية التي أصدرت الحكم أثبتت فساد القضاء اللبناني الذي تسيطر عليه سلطة الممانعة، التي منعت محاكمة قتلة الرائد سامر حنا ومن ثم قتلة بيروت في 4 آب 2021، حيث ظهر السيد حسن نصرالله بنظرية “قبع القاضي طارق البيطار”، بعدما فشل تهديد الحاج وفيق صفا للقاضي البيطار، مدنسًا قصر “العدل” بتصرفاته الأرعنية. كما أن التحقيقات فشلت في الكشف عن قتلة الإعلامي لقمان سليم، الذي اغتيل في منطقة سيطرة الثنائي الشيعي.
ولن ننسى جولات القاضية غادة عون وتهجمها على شركة مكتف، مستخدمة البلطجية من جماعة التيار الوطني “اللاوطني”، “واللاحر”. لم يستطع القضاء الفاسد كف يدها رغم كثرة الشكاوى ضدها، وحماها كلٌّ من ميشال عون وصهره جبران باسيل، صاحب الشكوى ضد الإعلامية ديما صادق بتهمة القدح والذم وإشعال النعرات الطائفية، وهي تهمة لا تمت للحقيقة بصلة.
أنا شخصياً من أنصار الإعلامية المتألقة ديما صادق، وأنتظر كل يوم اثنين لمتابعة برنامجها الذي تطل به عبر شاشة MTV، حيث تكشف فيه فساد ميشال عون وصهره وفساد الطبقة السياسية اللبنانية التي يتحكم بها حزب الله وسيده حسن نصرالله. ديما لم تستثنِ أحدًا من هذه الطبقة الحاكمة، التي تكشف عورتها من خلال برنامجها “حكي صادق”. خلال سنوات طويلة، أوصلت هذه الطبقة الشعب اللبناني إلى “جهنم”، حسب قول الرئيس السابق ميشال عون، الذي منع تشكيل حكومة تكنوقراط نظيفة اليد يمكن أن تنقذ لبنان وتعيده إلى بر الأمان
لقد تألقت الإعلامية “ديما صادق” بقلمها وبصوتها المعبر، غير خائفة من سلطة الممانعة ولا من حلفائها. هذه ليست المرة الأولى التي تحرج فيها الممانعين الكذبة، فحين كانت تعمل في الـ LBC وتقدم برنامج “نهاركم سعيد”، كان ضيفها يتهيب مواجهتها، لأنها صوت الحق الذي يخيف من يقف مع الباطل. نذكر على سبيل المثال كيف أحرجت ضيفها وئام وهاب، الذي هددها وانسحب من البرنامج لأنه لم يستطع الرد على تساؤلاتها، وكذلك غسان جواد، الذي رفض إكمال الحلقة معها لأنه لم يكن قادرًا على الرد على أسئلتها. حتى محمد جواد، ابن السيد حسن نصرالله، هددها بالقتل مرارًا إن لم تسكت، لكنها لم ولن تسكت في مواجهة الباطل.
وقد توافد العديد من داعمي حرية الرأي في لبنان للتضامن مع الإعلامية ديما صادق، حيث كان لبنان منارة للصحافة الحرة، مثل جريدة النهار، السفير، الحوادث، والكفاح العربي، وغيرها من مصادر حرية الرأي التي دفعت أرواحاً ثمينة ثمناً لهذه الحرية، من رياض طه إلى سليم اللوزي، إلى سمير قصير، وجبران تويني، ولقمان سليم، وغيرهم من أحرار الكلمة.
نحن ندعو كل الأحرار، وكل المحامين الشرفاء، وكل أصحاب الكلمة الحرة والصادقة إلى الوقوف مع المتألقة ديما صادق. ونقول لديما: ابقي على ما أنتِ عليه من كشف الفساد، وخاصة فساد القضاء، الذي إن سقط سقطت الدولة اللبنانية بأسرها.
نُشر هذا المقال في جريدة “العرب” التي تصدر في لوس أنجلوس، العدد 1530، الصادر يوم الأربعاء 19 تموز 2023.